مرحبا ذ.حالي ماهي انطبعاتكم الأولى حول القرار الاخير للمحكمة حول مدى دستورية قانون المسطرة المدنية في بعض بنوده ؟؟
اقولها بصراحة قانون المسطرة المدنية في نسخته الأخيرة قبل عرضه على المحكمة الدستورية حمل في طياته انحرافات كبيرة وردة قانونية حقيقية بل زكى طرح حكومة زواج السلطة والمال وتوجه وزرائها لخنق حقوق الدفاع وشروط المحاكمة العادلة .
ماهي ابرز النقاط التي تناولها قرار المحكمة الدستورية ؟؟
ان القرار وما حمله في جعبته يمكن ان نسميه بمثابة رفض للمحكمة لعدد من المواد الواردة في قانون المسطرة المدنية ومنها المادة 17 التي اثارت جدلا كبيرا والتي منحت النيابة العامة حقا مطلقا لهدم حجية الاحكام القضائية النهائية دون تقييدها بأية آجال وهو مايشكل صراحة تهديد لاستقرار المعاملات ويجعل الحقوق دائما فوق كف عفريت ،ويدفع الناس إلى الشعور بغياب الآمان والأمن ،مع ان الاحكام القضائية تهدف إلى تكريس الأمن القانوني والقضائي
كما تصدت ذات المحكمة إلى مقتضيات لها صلة بالتبليغ كما هو الشأن بالنسبة للمادة 84 والتي اعتبرت ان تبليغ الوكيل او اي شخص يصرح بانه يعرف ويعمل لفائدة الشخص المراد تبليغه او يسكن معه …هو تبليغ صحيح ،وكان هدف القائمين على اخراج هذه المادة هو السعي لحل اشكالية التبليغ على حساب حقوق الدفاع وتحميل المتقاضين تكلفة ذلك في انتهاك صارخ لقواعد المحاكمة العادلة ،
بل الادهى والامر ان وزير العدل في احدى خرجاته قال انه بات يفكر في تبليغ الناس هاتفيا عبر الرسائل القصيرة ،بل وذهب بعيدا واكد انه يفكر في تكليف شركات مثل “شركات توصيل الطلبات”بان تتكلف بنقل الاحكام والوثائق وتسليمها لأصحابها ،هذا ما يعد ردة حقوقية وقانونية بحق.وبالعودة الى سؤالك فالمحكمة الدستورية مشكورة تصدت كذلك للمادة 107 و 364 اللتين تمنعان الدفاع من التعقيب عن مذكرات ومستنتجات المفوض الملكي في انتهاك واضح وصريح لحقوق الدفاع المكرسة كونيا ودستوريا وقضائيا .
اذن ما هي الخلاصة التي يمكن أن نخرج بها من قرار المحكمة ؟؟
الخلاصة هي رسالة غير مشفرة مفادها أن الحكومة ليست هي الدولة ،هكذا قالت المحكمة الدستورية في قرارها ،لانها هي الحريصة على احترام الشرعية الدستورية والمكتسبات الحقوقية والقواعد القانونية والقضائية المتأصلة منذ عقود من الزمن ،والتي لايمكن العبث بها ارضاء لتطلعات جهة .
ماهي الخطوات المنتضرة بعد هذا القرار ؟؟
الخطوة الأولى المنتظرة هي إحالة مشروع القانون من جديد إلى البرلمان بغرفتيه، وذلك من أجل تدارك الاختلالات التي أشارت إليها المحكمة الدستورية في قرارها. ويُنتظر أن تباشر لجنة العدل والتشريع مناقشات تقنية وعميقة لتعديل المواد غير المطابقة للدستور، والتي ترتبط خصوصًا باستقلال القضاء، وضمانات التقاضي، واستقرار الأحكام.
وبعد ذلك، ستُعرض الصيغة المعدّلة للمشروع على التصويت مجددًا داخل مجلس النواب، قبل أن تُحال على مجلس المستشارين. ويتعيّن أن تكون هذه التعديلات متناغمة مع التعليلات التي قدّمتها المحكمة الدستورية، دون الاكتفاء بتغييرات شكلية أو لغوية، حتى لا يُعاد الطعن في النص مرة أخرى.
وفي حال اعتُبرت التعديلات المدخلة جوهرية، فمن المرجّح أن يُحال المشروع مرّة أخرى إلى المحكمة الدستورية لإعادة النظر فيه، سواء بشكل تلقائي أو بطلب من الجهات التي يخول لها الدستور هذا الحق، وعلى رأسها رئيس الحكومة أو رؤساء غرفتي البرلمان، أو خمس أعضاء أحد المجلسين.
أما في حال تمرير الصيغة المعدّلة دون عوائق، فستتولى الأمانة العامة للحكومة الإعداد لنشر القانون المعدل في الجريدة الرسمية، ليصبح ساري المفعول بعد انقضاء الأجل الذي يُحدده النص النهائي، والذي يتراوح عادة بين ستة أشهر وسنة حسب طبيعة التعديلات.
ماذا عن قانون المسطرة الجنائية ؟؟
اتمنى من الجهات المخول لها قانونا عرض القانون عن المحكمة الدستورية ان لا تتردد في ذلك تكريسا لمبدأ دولة الحق والقانون وانا على يقين انها ان فعلت ذلك سيتكرر سيناريو قانون المسطرة المدنية
ولذلك نجد اليوم الحكومة تتردد في احالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية .
ماهي اهم النقاط التي ترى انها مخالفة للدستور بالمشروع ؟؟
ان الصلاحيات الكبيرة التي منحت للنيابة العامة بالطعن ضد الاحكام النهائية دون تقييدها بأي أجل كما هو حال المادة 17 من المسطرة المدنية المذكورة أعلاه ، كان الاجدر ان تمنح في باب اخر الا انه وبخلاف ذلك فانها منعت النيابة العامة من تحريك الابحاث والمتابعات القضائية ضد لصوص المال العام كما تفيد المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية ،انها مفارقة غريبة مدعاة لتساؤول .
✍️ / بلال شكلال