الحسين الحياني: وفاة قيدوم الصحافيين الرياضيين بالمغرب

تلقى الوسط الإعلامي والرياضي المغربي ببالغ الحزن والأسى خبر وفاة الحسين الحياني، الصحافي والمؤلف الرياضي الرائد، الذي وافته المنية يوم الثلاثاء 21 غشت بالرباط عن عمر يناهز 87 عامًا بعد صراع مع المرض. لقد كان الراحل رمزًا للإعلام الرياضي في المغرب، وشخصية متميزة أثرت الساحة الإعلامية بعملها الدؤوب ومواقفها الجريئة.

الحسين الحياني، الذي وُلد سنة 1937 في إقليم تاونات، بدأ رحلته الإعلامية في الصحافة المكتوبة من خلال مجلة الإذاعة الوطنية الأسبوعية “صوت المغرب” سنة 1961. ثم انتقل إلى قسم الرياضة بالإذاعة الوطنية سنة 1962 بتوصية من أستاذ الأدب واللغة عبد اللطيف الغربي. كان الحياني أول من أصدر جريدة مختصة بالرياضة في المغرب عام 1966 تحت عنوان “الرياضي”، بسعر 0.50 درهم، وكانت هذه الجريدة بداية لمشوار طويل من التأثير في مجال الإعلام الرياضي.

تميز الحياني بإلمامه بكافة جوانب المهنة الإعلامية، حيث عمل في الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية، واحترف مختلف الأجناس الإعلامية من تحرير، ووصف، ومعالجة، ونقد، وإشراف على تحرير الصحف. ولم يكن مجرد صحافي فقط، بل كان أحد الأصوات القليلة التي رفضت الانصياع للضغوط، وظل على مدار 47 عامًا يصدح بالحق دون خوف، مدافعًا عن النزاهة والمهنية في كل ما قدمه.

عبر مسيرته، لم يتردد الحياني في مواجهة قوى الفساد والانحياز في الرياضة المغربية. فقد كان من أبرز المنتقدين للفساد في كرة القدم، وواجه بلا تردد رموز السلطة التي حاولت استغلال الرياضة لأغراض شخصية. ومع ذلك، كان الثمن الذي دفعه باهظًا، إذ تم إبعاده من الظهور على الشاشة منذ عام 1990، ورغم ذلك لم يتوقف عن ممارسة دوره كصوت حر في الإعلام الرياضي.

بالإضافة إلى نشاطه الصحافي، أصدر الحياني عدة كتب هامة ساهمت في توثيق تاريخ الرياضة المغربية، منها “الرياضة المغربية: شواهد وأسرار” سنة 1992، و”العربي بنمبارك: لاعب القرن” سنة 2002، ورواية “صهيل منتصف الليل” سنة 2008. وقد كان قلمه حادًا وصريحًا، ما جعله يحظى باحترام واسع في الوسط الإعلامي والرياضي.

في سنواته الأخيرة، استمر الحياني في التفاعل مع جمهوره عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ويوتيوب، حيث شارك رؤاه النقدية بروح مرحة وإنسانية. كان يكتب عن الواقع الرياضي بدون تحيز، وينتقد المشهد الرياضي بكل جرأة وشجاعة.

قناة الحسين الحياني

لقد كانت حياة الحسين الحياني مليئة بالتحديات، ولكنها أيضًا كانت غنية بالإنجازات التي ستظل خالدة في ذاكرة كل من عرفوه أو تأثروا بأعماله. اليوم، نودع الحسين الحياني، ولكن إرثه سيبقى حيًا بيننا، ملهمًا للأجيال القادمة من الصحافيين الرياضيين.

نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم عائلته وأحبائه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.

بلال شكلال
بلال شكلال