.مكافحة الهدر المدرسي في المغرب: نجاحات وتحديات
الهدر المدرسي في المغرب يمثل ظاهرة مقلقة تهدد مستقبل العديد من الأطفال، وتعكس تحديات كبيرة في نظام التعليم. الإحصائيات الأخيرة للعام الدراسي 2021-2022 تكشف عمق هذه المشكلة، ولكنها أيضاً تبرز الجهود المبذولة للتصدي لها وتحقيق التعليم المستدام للجميع.
لنبدأ بالأرقام الصادمة التي تروي قصة الهدر المدرسي في المغرب:
التعليم الابتدائي: نسبة الانقطاع 1.1%، ما يعني انقطاع 49,240 تلميذاً.
التعليم الثانوي الإعدادي: ترتفع النسبة إلى 9.4%، مع تسجيل 169,671 حالة انقطاع.
التعليم الثانوي التأهيلي: تصل النسبة إلى 11.5%، حيث انقطع 75,547 تلميذاً عن الدراسة.
المبادرات الاجتماعية: أمل جديد
برنامج “تيسير”:
يعد برنامج “تيسير” من أبرز الجهود الحكومية، حيث يدعم الأسر لضمان بقاء أبنائها في المدارس. في العام الدراسي 2021-2022، استفادت 1,614,367 أسرة من البرنامج، مع دعم مباشر لـ 2,337,153 تلميذاً.
مبادرة “مليون محفظة”:
استفاد من هذه المبادرة الخيرية 4,459,478 تلميذاً وتلميذة في موسم 2022-2023، مما يخفف العبء المالي على الأسر ويشجع الطلاب على الاستمرار في التعليم.
الإطعام والنقل المدرسي:
بلغ عدد المستفيدين من برامج الإطعام المدرسي 1,040,615 تلميذاً، ومن النقل المدرسي 580,266 تلميذاً، 83.3% منهم في المناطق القروية، مما يضمن وصول الطلاب إلى مدارسهم وتلقيهم التغذية اللازمة.
التحديات في المناطق القروية
المناطق القروية تعاني من نسب أعلى في الهدر المدرسي. في التعليم الثانوي الإعدادي، تبلغ نسبة الهدر 11.3% في المناطق القروية مقارنة بـ 7.5% في المناطق الحضرية. هذا الفارق يعكس تحديات إضافية مثل بُعد المدارس وصعوبة الوصول إليها، مما يجعل استمرار التعليم تحدياً حقيقياً للعديد من الأطفال.
أعمار المنقطعين: أزمة تستدعي الحل
تشير البيانات إلى أن 62% من المنقطعين عن الدراسة تتجاوز أعمارهم 16 سنة. هذا يعني أن مشكلة الانقطاع ليست مقتصرة على المراحل الأولى من التعليم فقط، بل تشمل أيضاً التعليم الثانوي. هذه الأرقام تؤكد الحاجة إلى تدخلات فعالة لضمان بقاء هؤلاء الشباب في النظام التعليمي وتوفير فرص مستقبلية أفضل لهم.
الهدر المدرسي في المغرب يمثل تحدياً كبيراً، لكنه ليس بلا حل. الجهود المبذولة من خلال البرامج الاجتماعية والتدخلات الحكومية تظهر تقدماً ملموساً، لكن الطريق لا يزال طويلاً. يجب أن تتواصل هذه الجهود وتتوسع لضمان توفير التعليم الجيد والمستدام لكل طفل مغربي، بغض النظر عن موقعه الجغرافي أو وضعه الاجتماعي.
توسيع العرض المدرسي: خطوة نحو التقدم
كشفت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، عن حصيلة قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي للموسم الدراسي 2023/2024. أكدت الوزارة أن تعميم تمدرس أطفال الفئة العمرية بين 4 و 5 سنوات بلغ 78.7%، حيث ارتفع عدد المتمدرسين بنسبة 2.2% ليصل إلى 951,596 تلميذة وتلميذاً.
وأضاف المصدر نفسه أن توسيع العرض المدرسي، خاصة بالوسط القروي، بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية واعتماد التدبير المفوض، ساهم في تسريع وتيرة تعميم تعليم أولي ذي جودة.
التعليم العمومي والحد من الهدر المدرسي
بخصوص التعليم العمومي، بلغ العدد الإجمالي للمتمدرسين بالتعليم العمومي في الأسلاك التعليمية الثلاث، بما في ذلك المتمدرسين في السلك الأولي، 7,392,050 تلميذة وتلميذاً بزيادة قدرها 1.1% مقارنة مع الموسم الدراسي المنصرم. تشكل الإناث نسبة 48.9% من مجموع التلاميذ.
الزيادة الأبرز في عدد التلاميذ سجلت بالسلك الثانوي الإعدادي، حيث بلغ عدد التلاميذ 1,918,691 بنسبة زيادة بلغت 4.25%. عززت الوزارة برامج الدعم الاجتماعي لتحقيق تكافؤ الفرص بين التلاميذ والحد من الهدر المدرسي، خاصة بالعالم القروي.
النتائج الإيجابية وجهود الاستمرار
وفيما يتعلق بالهدر المدرسي، تمكنت المجهودات المبذولة من مختلف المتدخلين من تقليص عدد المنقطعين عن الدراسة بنسبة 12%، حيث انخفض عددهم من 334,664 خلال موسم 2021/2022 إلى 294,458 خلال الموسم الدراسي 2022/2023، منهم 45.5% بالوسط القروي. تشكل الإناث نسبة 38.64% من مجموع المنقطعين. 62% من مجموع المنقطعين يتجاوز سنهم 16 سنة.
من جهة أخرى، نشرت الوزارة عبر بوابتها الرسمية الوثيقتين المتعلقتين بـ “موجز إحصائيات التربية” و “موجز مؤشرات التربية“، واللتين ترصدان بالأرقام والمؤشرات حصيلة قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي للموسم الدراسي 2023/2024.
تأتي هذه الحصيلة الإحصائية لتسلط الضوء على المجهودات المبذولة من طرف الوزارة، كما تترجم الانخراط الإيجابي لكافة شركاء المنظومة من أجل تفعيل مقتضيات القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتنزيل وأجرأة أهداف والتزامات خارطة الطريق 2022-2026.
المستقبل وتحديات التعليم
رغم الظرفية الخاصة والتحديات التي ميزت بداية هذا الموسم الدراسي، فإن تسجيل هذه الحصيلة الإيجابية والمشجعة يعكس التقدم في مواجهة الهدر المدرسي. عرفت مجمل مكونات ومجالات المنظومة التربوية تطوراً ملحوظاً خلال الموسم الدراسي 2023/2024، حيث ارتفعت أعداد المتمدرسين وتم العمل على توسيع العرض المدرسي، خاصة بالوسط القروي، مع مواصلة تعميم تعليم أولي ذي جودة وتعزيز برامج الدعم الاجتماعي، والحد من الهدر المدرسي.