في أجواء مفعمة بالروحانية والتأمل، أحيت الطريقة القادرية البودشيشية بمنطقة مداغ، في إقليم بركان، الذكرى الثامنة لرحيل الشيخ سيدي حمزة القادري بودشيش، أحد أبرز رموز التصوف السني في العالم الإسلامي. مثلت هذه المناسبة فرصة لتأكيد الالتزام بالقيم الروحية والإنسانية التي رسخها الشيخ الراحل، وتجديد الوصية بالنهج المعتدل الذي يجمع بين الأصالة والتجديد.

في كلمته بالمناسبة، أكد سيدي مولاي د. جمال القادري بودشيش، خليفة الشيخ الراحل، على ضرورة الحفاظ على التراث الروحي للطريقة القادرية البودشيشية ونقله للأجيال المقبلة. وأشار إلى أن التصوف ليس فقط منهجًا روحانيًا، بل أسلوب حياة يقوم على الإحسان للناس ونشر قيم المحبة والسلام.

وأضاف قائلاً: “نواصل العمل على غرس هذه القيم في النفوس، ونؤكد أن الطريق إلى الله يتطلب التمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية، إلى جانب الإخلاص في النية والعمل”.
شهدت الذكرى إعلان انتقال “الأمانة الروحية” للطريقة إلى مولاي د. منير القادري بودشيش، الابن البار لسيدي جمال القادري. وفي إعلان مؤثر، قال الشيخ: “اللهم إني أشهدك أني أوصيت بهذا السر لإبني مولاي منير، ليبقى هذا العهد مستمرًا متصلًا عبر السند الصحيح”.

ما يميز الطريقة القادرية البودشيشية هو قدرتها على المزج بين الالتزام بأصالة المنهج المستمد من الكتاب والسنة، والتفاعل مع متغيرات العصر. هذا المزج يجعلها نموذجًا حيًا للتصوف المعتدل الذي يوازن بين الروحانية العميقة والشريعة، ما يعزز دورها كمنارة للتربية الروحية في العالم الإسلامي.
تلعب الطريقة دورًا بارزًا على الساحة الدولية، حيث تعمل على نشر قيم الحوار بين الأديان والثقافات، مستفيدة من انتشارها الواسع الذي يضم مريدين من مختلف الجنسيات. ومن خلال أنشطتها الفكرية مثل الملتقى العالمي للتصوف، تسعى الطريقة لتعزيز صورة الإسلام كدين للتسامح والتعايش.

تحظى الطريقة القادرية البودشيشية بدعم خاص من جلالة الملك محمد السادس، الذي يشيد بدورها في الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للمغرب. ويعتبر التصوف أحد الركائز التي تعزز مكانة المملكة كجسر للتواصل الروحي والثقافي بين الشعوب.
في ختام الذكرى، شدد سيدي جمال القادري على أهمية التمسك بالعرش العلوي، معتبرًا ذلك ميثاقًا دينيًا وروحيًا، ودعا الجميع للعمل على تعزيز قيم الإخاء والمحبة والسلام، استكمالاً لرسالة الطريقة التي تسعى إلى تزكية النفوس وبناء مجتمعات متماسكة تسودها الأخلاق الفاضلة.